languageFrançais

سعيدان: صرف أقساط قرض صندوق النقد رهين هذه الإصلاحات ...

 

سلّط برنامج ''ميدي شو'' الضوء اليوم الاثنين 17 أكتوبر 2022 على الاتفاق بين الحكومة وصندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء لتمولتونس بـ7.9 مليار دولار لمدّة 48 شهرا من أجل مساندة السياسات الاقتصادية للبلاد.

وفي هذا السياق أكّد الخبير الاقتصادي والمالي عز الدين سعيدان أنّ الحكومة التونسية كانت تسعى للحصول على قرض بقيمة 4 مليار دولار، لكن المطلّع على سياسة الصندوق الدولي يعلم جيّدا أنّ الحصص الممنوحة لا تتجاوز الـ2 مليار دولار "وبالتالي كان من المتوقّع حصول تونس على 1.9 مليار دولار لا أكثر".

وأضاف "يستغرق أيّ برنامج اقتراض من صندوق النقد الدولي 3 أشهر على أقصى تقدير في حين لا تتجاوز المحادثات التقنية 5 أسابيع.. لكن تونس استغرقت 18 شهرا ولم تتوصل بعد إلى اتفاق نهائي لأنه سيعرض على اللجنة التنفيذية في شهر ديسمبر".

 

إمكانيّة صرف القسط الأوّل من القرض في جانفي 2023

 

وأشار سعيدان إلى أنّ صرف القسط الأول من  القرض سيكون مباشرة بعد التوقيع، مرجّحا أن يتمّ في جانفي 2023 وسيكون موزّعا على 8 أقساط وتبلغ قيمة كل قسط حوالي 250 مليون دولار.

وتساءل الخبير الاقتصادي والمالي حول الحلول التي ستتّخذها حكومة نجلاء بودن لتغطية نفقات الدولة لما تبقى من سنة 2022 في غياب أيّ موارد مالية، لافتا إلى أنّه لم يقع بعد تسديد أي مستحقات من الدين الداخلي سواء بالدينار أو بالعملة الأجنبية للبنوك "ممّا سيتسبب في ضرر كبير للبنوك التي خسرت %90 من أموالها الذاتية وسينعكس على توازنات البنوك التونسية". 

ولم يغفل ضيف "ميدي شو" عن الإشارة إلى فوائد قرض صندوق النقد التي ستكون في حدود 4.2%، قالا إنها "نسبة عالية جدا لا يمكن الاستهانة بها..والسؤال المطروح كيف سنجابه الدين الخارجي في 2023 دون أن ننسى أنّ هناك قروض قديمة لم يقع خلاصها بقيمة 1.9 مليار دولار متخلّدة بذمّة الدولة التونسية لصندوق النقد الدولي".

 

صندوق النقد سيراجع الاصلاحات كلّ 6 أشهر

 

كما لفت إلى أنّ الصندوق الدولي سيقوم بمراجعة الإصلاحات المُتّفق عليها كلّ 6 أشهر وبناء على هذه المراجعة سيتمّ تحديد صرف الأقساط من عدمه، مبيّنا أن المراجعة الأولى تتطلب أن تدخل تونس فعلا في الإصلاحات الكبرى المتمثلة في  الإصلاح الجبائي وإصلاح  منظومة الوظيفة العمومية ومنظومة الدعم والبدء الفعلي في إصلاح المؤسسات العمومية "وإن لم يتم ذلك فان الأقساط لن  تصرف".

وشدّد عز الدين سعيدان على ضرورة وضع خارطة طريق واستراتيجية واضحة لتحقيق العدالة الجبائية ضمن فترات زمنية محددة بغاية استعادة ثقة المانحين الدوليين والبلدان التي أعربت عن استعدادها مساعدة تونس في تجاوز أزمتها الاقتصادية. 

 

مراجعة نفقات الدولة حلّ لا مفرّ منه

 

وفي السياق ذاته، قال سعيدان إنّ مراجعة نفقات الدولة من أحد الحلول التي لا مفرّ منها، قائلا "في 2010 بلغت نفقات الدولة 18 مليار دينار أي ما يعادل %28 من الناتج الداخلي لكنها اليوم في حدود 45% وهي نفقات عامة".

وتابع "في 2010 بلغ عدد الموظفين 400 ألف موظف اليوم هم في حدود الـ700 ألف ومع ذلك نشكو نقصا في كلّ الإدارات مما يعني أن هناك إشكال في توزيعهم وتوظيفهم.. لهذا يجب اتخاذ إجراءات عاجلة في هذا الصدد".

وكشف ضيف "ميدي شو" أنّ 150 ألف شخص من أساتذة وأطباء ومهندسين تم توظيفهم بشهائد مزيفة مما كبّد الدولة خسائر بـ3 آلاف مليون دينار، كما أنّ محكمة المحاسبات في تقريرها الأخير أكّدت أنّ وزارة التربية انتدب 12 ألف مدرّس بشهائد مزيفة مع تسجيل 4 آلاف رخصة مرضية طويلة المدى".

 

طريقة تسيير المؤسسات العمومية سبب الأزمة

 

وعن إصلاح المؤسسات العمومية، أقرّ الخبير الاقتصادي والمالي أنّ طريقة التسيير هي المتسبّب في الأزمة الراهنة ودفعت التونسي إلى الوقوف في طوابير لاقتناء البنزين والمواد الغذائية، حسب تعبيره.

وتابع "المؤسسات التونسية فقدت تماما ثقة المزود الأجنبي وأيضا ثقة البنوك في الداخل والخارج وفقدت أبسط أدوارها ومع ذلك لم تتحرك الدولة لإيقاف النزيف".

وتساءل "هل يجب أن تتاجر تونس في "التاي والسكر والدخان" لتعجز فيما بعد عن تحقيق التوازنات وتدخل في دوامة الخسائر وسوء التصرّف والاقتراض لتغطية الأجور؟"

وفي ختام مداخلته، شدّد عز الدين سعيدان على ضرورة الإنطلاق الفعلي في إنقاذ الاقتصاد التونسي، قائلا "هذا ممكن.. شريطة أن لا نستخدم قرض صندوق النقد الدولي لتغطية نفقات الدولة.. حينها يا خيبة المسعى" حسب تعبيره.

*أميرة العلبوشي